كتب بتاريخ : [ 13-11-2019
- 11:27 PM
]
ثالث إلهام للسيد الشريف حسن التهامي وشرحه:
الإلهام :
(أبشر بالخير، أبشر بالخير، أبشر بالخير منذ خلقتك أمك، خير لأهل النهرين، ومن نهل، وأهل الوادي العظيم المبارك المقدس ومن فيه نزل وسكن، وقد حقت كلمتي، حقت كلمة العذاب على القوم الكافرين، سأدمرهم تدميراً، لكم موعد من العُشر العَشر، وكأنه قال: بعدها الحادي والثاني والثالث).
العشر الأولى بضم العين. والعشر الأخرى بفتح العين.
الشرح حسب رأيي :
🕋 أبشر بالخير، أبشر بالخير، أبشر بالخير:
وتكرير الخبر لمرتين يقول علماء اللغة أنه لتأكيد وللأهمية، فما بالك بثلاث مرات، ففيه أمور:
أولاً: موافقة السنة النبوية حيث والتثليث كان من سنة الرسول الكريم، وكذا ورد أن المهدي يأتي ويقاتل على السنة كما قاتل جده الرسول الكريم على الوحي، عن عائشة رضى الله عنها عن النبي قال: (هو رجل من عترتي، يقاتل على سنتي كما قاتلت أنا على الوحي). (أخرجه نعيم في الفتن)
ثانياً: زيادة التأكيد والأهمية.
ثالثاً: قرب الموعد أي البيعة، ولهذا شواهد في نفس الإلهام.
رابعاً: أن الخير هنا ولما أكد يكون مطلقاً وجملة ومن أوسع أبوابه.
خامساً: أنه العافية بعد مرض.
سادساً: أنه الشبع بعد جوع.
سابعاً: الأمن بعد خوف.
ثامناً: التمكين بعد مطاردة.
تاسعاً: اليقين بعد الشك.
عاشراً: أن الله يعصمه من الناس، وكأنه على نفس الآية: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [المائدة : 67]، والذم والهلاك للقوم الكافرين جاء في آخر الإلهام، فكأن الآية منطبقة على السيد عليه السلام.
الحادي عشر: أخرى...
وهذه مما يحتمله الكلام والله أعلم...
🕋 منذ خلقتك أمك:
خلقتك أي ولدتك، وأنه سيرى أمور عظيمة لم يراها منذ ولد، وكما سبق من الكلام، فسيرى منها أبلغها، وأحسنها، وأكملها..
🕋 خير لأهل النهرين:
وهم هنا على احتمالين ويمكن الجمع بينهما وألخص الكلام هنا في أربع نقاط هي:
أولاً: النهرين كأنهما الفرات والنيل، وكما ورد أنهما من أنهار الجنة.
ثانياً: أن المقصد أنهم أهل اليمن، بدلالة المقالات السابقة وإثبات أن أصلها في اليمن، وكأنه مصدقاً للحديث: قال الرسول الكريم: (الأزد أسد الله في الأرض، يريد الناس أن يضعوهم، ويأبى الله إلا أن يرفعهم، وليأتين على الناس زمان يقول الرجل: يا ليت أبي كان أزدياً، يا ليت أمي كانت أزدية)، والأزد هم أهل اليمن. (سنن الترمذي)
وفيه بداية التمكين لهم، وبداية دولتهم وملكهم الذي وعد الله بقول رسوله الكريم، حيث جاء: عَنْ ذِي مِخْبَرٍ، عَنِ النَّبِيِّ الكريم قَالَ: «كَانَ هَذَا الْأَمْرُ فِي حِمْيَرَ فَنَزَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُمْ وَصَيَّرَهُ فِي قُرَيْشٍ، وَسَيَعُودُ إِلَيْهِمْ». (أخرجه نعيم في الفتن)، وأن رسول الله قال: (كان هذا الأمر في حمير فنزعه الله عز وجل منهم، فجعله في قريش، و س ي ع ود إ ل ي ه م، وكذا كان في كتاب أبي مقطع، وحيث حدثنا به تكلم على الاستواء). (أخرجه أحمد في المسند)
وفي سفر أشعياء: (أنه لا يقيم بيت أو هيكل الرب إلا قديسي الجنوب). أو كما جاء
ثالثاً: أن المقصد أنهم جل العرب، على أساس شهرة تسمية النهرين، وكأن هذا مصداقاً للحديث: عن حذيفة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله يقول: (ويح هذه الأمة من ملوك جبابرة, كيف يقتلون ويخيفون المطيعين, إلا من أظهر طاعتهم, فالمؤمن التقي يصانعهم بلسانه, ويقومهم بقلبه, فإذا أراد الله أن يعيد الإسلام عزيزاً قصم كل جبار عنيد, وهو القادر على ما يشاء أن يصلح أمة بعد فسادها, يا حذيفة لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم, حتى يملك رجل من أهل بيتي, تجري الملاحم على يديه, ويظهر الإسلام, لا يخلف وعده وهو سريع الحساب). (العرف الوردي في أخبار المهدي للسيوطي)
رابعاً: ويمكن الجمع بين القولين بأن نقول: أن الخير سيعم العرب وخاصة أهل اليمن، لما سبق من أخبار...
🕋 ومن نهل:
النهل من الشرب، وكأن المعنى ومن أشرب قلبه بحب العرب وأخصهم أهل اليمن، وكأن في هذا تأكيد على وحدة المنهج والطريقة..
🕋 وأهل الوادي العظيم المبارك المقدس:
والوادي هذا هو طوى، وكأن الآية: {إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى} [طه : 12]، مفسرة ما هو الوادي.
وهنا بشارة لأهل مكة المكرمة، وأن الله سينورها بخروج الإمام المهدي، بعد إفسادها من قبل أعدائه..
والخير كل الخير لأهلها حيث يبتدأ الأمر من عندهم، وترجع مكة إلى سابق عهدها من الدين، والمكانة، والتي حاول أعداء الله وأعداء الدين نزعها منها...
🕋 ومن فيه نزل وسكن:
وكأن هذه نزلت للأنصار وعليهم، وكذا لكل مناصر أتاها لهذا الأمر، لأنه يشهد أعظم وأشرف حدث في آخر الزمان، فيكون من أهل الله وخاصته...
🕋 وقد حقت كلمتي، حقت كلمة العذاب:
وهنا دلالة على أن عذاب الله قد حان بدأ، حيث كلمة حقت لا تأتي إلا حال الفعل، كما قرر ذلك بعض أهل اللغة، وكأن بداية التصفيات الجسدية، وبداية الخيانات، وبداية الانكسارات لجيوشهم، هي البداية فقط..
🕋 على القوم الكافرين:
وقد صف الله تعالى منافقي العرب بالكافرين؛ وذلك حقاً فقد أحلوا الحرام، وحرموا الحلال، ونصبوا الأصنام، وسفكوا الدم الحرام في البيت الحرام...
🕋 سأدمرهم تدميراً:
والدمار هنا هو محو الأثر تماماً، حتى لا يبقى اسم السعودية أو الإمارات أو غيرها، وحتى لا يبقى فيها ظالم أو كافر إلا هلك، وما وصف الله تعالى الأقوام السابقة بالدمار إلا أصحبت أثراً بعد عين، وطلالاً بعد بينان، ولم يبقى منهم إلا أخباراً يصدق من صدق ويكذب من كذب، أي ينتهي لهم كل شيء...
🕋 لكم موعد من العُشر العَشر:
ونحن هنا أمام إشكال ولكن أقرب وأقول:
نحن بداية عام هجري فيكون معنا سنة كاملة والسنة تحسب بالشهر، فنقول: 12 شهراً * عُشر 1/10 = 1.2 شهر، وبالتقريب يكون شهراً واحداً...، وبما أنه قد مضى شهر محرم من السنة فيكون الشهر الذي يليه هو المعني..
وكأن شهر صفر هو موعدنا العظيم.
وأما كون البيعة في شهر صفر يمكن أن نستنتجه من الأثر:
عَنْ ذِي قَرَنَاتٍ قَالَ: (يَخْتَلِفُ النَّاسُ فِي صَفَرٍ، وَيَفْتَرِقُ النَّاسُ عَلَى أَرْبَعَةِ نَفَرٍ: رَجُلٍ بِمَكَّةَ الْعَائِذُ، وَرَجُلَيْنِ بِالشَّامِ، أَحَدُهُمَا السُّفْيَانِيُّ وَالْآخَرُ مِنْ وَلَدِ الْحَكَمِ، أَزْرَقُ أَصْهَبُ، وَرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ جَبَّارٌ، فَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ). (أخرجه نعيم في الفتن)
وقد ذكر الأثر أنه يكون اختلاف كبير وفرقة كبيرة، وأنه يكون أحد الذين يختلفون الناس إليه هو العائذ بمكة، وهو هنا كناية عن الإمام المهدي عليه السلام.
هذا والله أعلم...
والسلام،،،
بقلم: وائل عياش الأنصاري
|